أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالًا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلًا ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُمْ فَأَنَا فِي حِلٍّ إِنْ أَنَا نِلْتُ مِنْكَ شَيْئًا. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ مَا شَاءَ قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ حِينَ قَدِمَ فَقَالَ: اجْمَعِي لِي مَا كَانَ عِنْدَكِ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ. قَالَ: وَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ فَانْقَمَعَ الْمُسْلِمُونَ ، وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَقِرَ وَجَعَلَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ. قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ قُثَمُ ، وَاسْتَلْقَى فَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ:. [البحر الرجز]. . حِبِّي قُثَمْ ... شَبِيهُ ذِي الْأَنْفِ الْأَشَمّْ. نَبِيِّ ذِي النَّعَمْ ... يَزْعُمُ مَنْ زَعَمْ. قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ ثَابِتٌ: قَالَ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ أَرْسَلَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غُلَامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ: وَيْلَكَ مَاذَا جِئْتَ بِهِ وَمَاذَا تَقُولُ؟ فَمَا وَعَدَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ لِغُلَامِهِ: اقْرَأْ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ فَلْيَخْلُ لِي فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ لِآتِيَهُ ، فَإِنَّ الْخَبَرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ. فَجَاءَ غُلَامُهُ فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الدَّارِ قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ. قَالَ: فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْحَجَّاجُ فَأَعْتَقَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللهِ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ وَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ، وَخَيَّرَهَا أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ أَوْ تَلْحَقَ بِأَهْلِهَا ، فَاخْتَارَتْ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونَ زَوْجَتَهُ ، وَلَكِنِّي جِئْتُ لِمَالٍ كَانَ لِي هَهُنَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَهُ فَأَذْهَبَ بِهِ فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ فَأَخْفِ عَنِّي ثَلَاثًا ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ. قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا مِنْ حُلِيٍّ أَوْ مَتَاعٍ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثٍ أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَقَالَتْ: لَا يَحْزُنْكَ يَا أَبَا الْفَضْلِ ، لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: أَجَلْ فَلَا يَحْزُنُنِي اللهُ لَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللهِ إِلَّا مَا أَحْبَبْنَا ، فَتَحَ اللهُ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللهِ ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لَكِ فِي زَوْجِكِ حَاجَةٌ فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللهِ صَادِقًا. قَالَ: فَإِنِّي صَادِقٌ وَالْأَمْرُ عَلَى مَا أُخْبِرُكِ. قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى مَجْلِسَ قُرَيْشٍ وَهُمْ يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ لَا يُصِيبُكَ إِلَّا خَيْرٌ يَا أَبَا الْفَضْلِ. قَالَ: لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْرٌ بِحَمْدِ اللهِ، قَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ أَنَّ خَيْبَرَ فَتَحَهَا اللهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللهِ ، وَاصْطَفَى لِنَفْسِهِ صَفِيَّةَ ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَإِنَّمَا جَاءَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ وَمَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ هَهُنَا ثُمَّ يَذْهَبَ. قَالَ: فَرَدَّ اللهُ الْكَابَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. قَالَ: وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَوَا الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَهُمْ وَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ ، وَرَدَّ اللهُ مَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ غَيْظٍ وَحَزَنٍ
[رواه البيهقي]