بِسَيبِ أَبي العَبّاسِ بُدِّلَ أَزلُنا بِخَفضٍ وَصِرنا بَعدَ جَزرٍ إِلى مَدِّ (أبو تمام)
أَضحَكتَ مِنهُم ضِباعَ القاعِ ضاحِيَةً بَعدَ العُبوسِ وَأَبكَيتَ العُيونَ دَما (أبو تمام)
بِكُلِّ صَعبِ الذُرا مِن مُصعَبٍ يَقِظٍ إِن حَلَّ مُتَّئِداً أَو سارَ مُعتَزِما (أبو تمام)
بادي المُحَيّا لِأَطرافِ الرِماحِ فَما يُرى بِغَيرِ الدَمِ المَعبوطِ مُلتَثِما (أبو تمام)
يُضحى عَلى المَجدِ مَأموناً إِذا اِشتَجَرَت سُمرُ القَنا وَعَلى الأَرواحِ مُتَّهَما (أبو تمام)
قَد قَلَّصَت شَفَتاهُ مِن حَفيظَتِهِ فَخيلَ مِن شِدَّةِ التَعبيسِ مُبتَسِما (أبو تمام)
لَم يَطغَ قَومٌ وَإِن كانوا ذَوي رَحِمٍ إِلّا رَأى السَيفَ أَدنى مِنهُمُ رَحِما (أبو تمام)
مَشَت قُلوبُ أُناسٍ في صُدورِهِمُ لَمّا تَراءَوكَ تَمشي نَحوَهُم قُدُما (أبو تمام)
أَمطَرتَهُم عَزَماتٍ لَو رَمَيتَ بِها يَومَ الكَريهَةِ رُكنَ الدَهر لَاِنهَدَما (أبو تمام)
إِذا هُمُ نَكَصوا كانَت لَهُم عُقُلاً وَإِن هُمُ جَمَحوا كانَت لَهُم لُجُما (أبو تمام)
حَتّى اِنتَهَكتَ بِحَدِّ السَيفِ أَنفُسَهُم جَزاءَ ما اِنتَهَكوا مِن قَبلِكَ الحُرَما (أبو تمام)
زالَت جِبالُ شَرَورى مِن كَتائِبِهِم خَوفاً وَما زُلتَ إِقداماً وَلا قَدَما (أبو تمام)
لَمّا مَخَضتَ الأَمانِيَّ الَّتي اِحتَلَبوا عادَت هُموماً وَكانَت قَبلَهُ هِمَما (أبو تمام)
بَدَّلتَ أَرؤُسَهُم يَومَ الكَريهَةِ مِن قَنا الظُهورِ قَنا الخَطِّيِّ مُدَّعَما (أبو تمام)
مِن كُلِّ ذي لِمَّةٍ غَطَّت ضَفائِرُها صَدرَ القَناةِ فَقَد كادَت تُرى عَلَما (أبو تمام)
راحَ التَنَصُّلُ مَعقوداً بِأَلسُنِهِم لَمّا غَدا السَيفُ في أَعناقِهِم حَكَما (أبو تمام)
كانوا عَلى عَهدِ كِسرى في الزَمانِ وَلَن يَستَشرِيَ الخَطبُ إِلّا كُلَّما قَدُما (أبو تمام)
في كُلِّ جَوشَنِ دَهرٍ مِنهُم فِئَةٌ تُرجى رَحى فِتنَةً قَد أَشجَتِ الأُمَما (أبو تمام)
حَتّى إِذا أَينَعَت أَثمارُ مُدَّتِهِم أَرسَلَكَ اللَهُ لِلأَعمارِ مُصطَرِما (أبو تمام)
أَطَعتَ رَبَّكَ فيهِم وَالخَليفَةَ قَد أَرضَيتَهُ وَشَفَيتَ العُربَ وَالعَجَما (أبو تمام)
تَرَكتَهُم سِيَراً لَو أَنَّها كُتِبَت لَم تُبقِ في الأَرضِ قِرطاساً وَلا قَلَما (أبو تمام)