أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ مُوسَى الْمَرْوَرُوذِيَّ ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيِّ بِمِصْرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ ، وَكُنَّا نَجْتَمِعُ عِنْدَهُ بِاللَّيْلِ ، فَنُلْقِي الْمَسْأَلَةَ فِيمَا بَيْنَنَا ، وَيَقُومُ لِلصَّلَاةِ ، فَإِذَا سَلَّمَ الْتَفَتَ إِلَيْنَا ، فَيَقُولُ: " أَرَأَيْتُمْ لَوْ قِيلَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا ، بِمَاذَا تُجِيبُونَهُمْ؟ وَيَعُودُ إِلَى صَلَاتِهِ ، فَقُمْنَا لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي ، فَتَقَدَّمْتُ أَنَا وَأَصْحَابٌ لَنَا إِلَيْهِ ، فَقُلْنَا: نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ ، وَقَدْ نَشَأَ عِنْدَنَا قَوْمٌ يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، وَلَسْنَا مِمَّنْ يَخُوضُ فِي الْكَلَامِ ، وَلَا نَسْتَفْتِيكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا لِدِينِنَا ، وَلِمَنْ عِنْدَنَا ، لِنُخْبِرَهُمْ عَنْكَ بِمَا تُجِيبُنَا فِيهِ ، فَقَالَ: " الْقُرْآنُ كَلَامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ ، فَهُوَ كَافِرٌ ". قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: " فَهَذَا مَذْهَبُ أَئِمَّتِنَا رَحِمَهُمُ اللهُ فِي هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ حُرِمُوا التَّوْفِيقَ ، وَتَرَكُوا ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِآرَائِهِمُ الْمُزَخْرَفَةِ ، وَتَأْوِيلَاتِهِمُ الْمُسْتَنْكَرَةِ ، وَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ الْعَبْدَوِيَّ الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ زَاهِرَ بْنَ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيَّ يَقُولُ: لَمَّا قَرُبَ حَضُورُ أَجَلِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِي دَارِي بِبَغْدَادَ دَعَانِي فَقَالَ: " اشْهَدْ عَلَيَّ أَنِّي لَا أُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ ، لِأَنَّ الْكَلَّ يُشِيرُونَ إِلَى مَعْبُودٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا هَذَا اخْتِلَافُ الْعِبَارَاتِ " قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا زَعَمَ أَنَّ هَذَا أَيْضًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي: " ذَهَبَ النَّاسُ مَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ وَالْأَحَادِيثَ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِي تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ ، إِنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنْ مِلَّةٍ ، وَلَكِنْ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ " قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: " فَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِتَكْفِيرِهِمْ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ نَفْيِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَجُحُودِهِمْ لَهَا بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ إِثْبَاتَ مَا أَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى ، فَعَدَلُوا عَنِ الظَّاهِرِ بِتَأْوِيلٍ ، فَلَمْ يَخْرُجُوا بِهِ عَنِ الْمِلَّةِ وَإِنْ كَانَ التَّأْوِيلُ خَطَأً ، كَمَا لَمْ يَخْرُجْ مَنْ أَنْكَرَ إِثْبَاتَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الْمَصَاحِفِ كَسَائِرِ السُّوَرِ مِنَ الْمِلَّةِ ، لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ الشُّبْهَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ غَيْرِهِ خَطَأً ، وَالَّذِي رُوِّينَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: " الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " ، إِنَّمَا سَمَّاهُمْ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ بَعْضِ مَا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ مَذَاهِبَ الْمَجُوسِ فِي قَوْلِهِمْ بِالْأَصْلَيْنِ ، وَهُمَا النُّورُ وَالظُّلْمَةُ ، يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَيْرَ مِنْ فِعْلِ النُّورِ ، وَأَنَّ الشَّرَّ مِنْ فِعْلِ الظُّلْمَةِ ، فَصَارُوا ثَنَوِيَّةً ، كَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ يُضِيفُونَ الْخَيْرَ إِلَى اللهِ ، وَالشَّرَّ إِلَى غَيْرِهِ ، وَاللهُ تَعَالَى خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَالْأَمْرَانِ مَعًا مُنْضَافَانِ إِلَيْهِ خَلْقًا وَإِيجَادًا إِلَى الْفَاعِلِينَ لَهُمَا مِنْ عِبَادِهِ - فِعْلًا وَاكْتِسَابًا. هَذَا قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى الْخَيْرِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ فِيمَا:. . 20900 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، عَنْهُ فِي الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، إِنَّ الْمَجُوسَ قَالَتْ: خَلَقَ اللهُ بَعْضَ هَذِهِ الْأَعْرَاضِ دُونَ بَعْضٍ ، خَلَقَ النُّورَ وَلَمْ يَخْلُقِ الظُّلْمَةَ ، وَقَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ: خَلَقَ اللهُ بَعْضَ الْأَعْرَاضِ دُونَ بَعْضٍ ، خَلَقَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَلَمْ يَخْلُقْ صَوْتَ الْمَقْدَحِ ، وَقَالَتِ الْمَجُوسُ: إِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقِ الْجَهْلَ وَالنِّسْيَانَ ، وَقَالَ الْقَدَرِيَّةُ: إِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقِ الْحِفْظَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ ، وَقَالَتِ الْمَجُوسُ: إِنَّ اللهَ لَا يُضِلُّ أَحَدًا ، وَقَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ مِثْلَهُ ، وَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} ، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: " وَإِنَّمَا سَمَّاهُمْ مَجُوسًا لِهَذِهِ الْمَعَانِي أَوْ بَعْضِهَا ، وَأَضَافَهُمْ مَعَ ذَلِكَ إِلَى الْأُمَّةِ "
[رواه البيهقي]